كتب عزمت علي أنّ مشهد المواجهة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي تجسّد يوم 23 سبتمبر مع افتتاح الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث أكد ترامب أنّ إيران "يجب ألا يُسمح لها أبدًا" بامتلاك السلاح النووي، فيما ظهر خامنئي على شاشة التلفزيون الإيراني معلنًا رفض التفاوض مع واشنطن ومحذرًا من أنّ الحوار "تحت التهديدات" يلحق "ضررًا جسيمًا وربما لا يمكن إصلاحه".
ذكر موقع ميدل إيست مونيتور أنّ تصريحات الرجلين عكست خطوطًا حمراء متناقضة: واشنطن ترفض مطلقًا امتلاك طهران للسلاح النووي، بينما تدافع إيران عن حقها في تخصيب اليورانيوم باعتباره مسألة سيادة وكرامة وطنية. وبين الموقفين، اختارت أوروبا عبر بريطانيا وفرنسا وألمانيا تفعيل آلية "العودة السريعة" المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2231، ما يفتح نافذة زمنية مدتها 30 يومًا قد تعيد العقوبات التي رفعها اتفاق 2015 النووي.
أوضح ترامب أمام الجمعية العامة أنّ "الراعي الأول للإرهاب في العالم لا يمكن أن يمتلك أخطر سلاح على الإطلاق". في المقابل، رد خامنئي مؤكدًا أنّ "قبول التفاوض تحت هذه التهديدات يعني قابلية الجمهورية الإسلامية للترهيب". واتهم واشنطن بفرض إملاءات تهدف إلى إنهاء برنامج إيران النووي بالكامل، معتبرًا ذلك إهانة لا يمكن قبولها.
دخل الأوروبيون على الخط يوم 28 أغسطس عبر تفعيل بند "العودة السريعة"، مبررين الخطوة بضرورة إلزام إيران باستعادة وصول وكالة الطاقة الذرية الدولية والتحقق من مخزونات اليورانيوم المخصب حتى نسبة 60%. لكن طهران وصفت التحرك بـ"غير القانوني" واعتبرته خاضعًا للضغوط الأمريكية. وفي خطابه أمام الأمم المتحدة، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أنّ إيران "لم تسعَ يومًا ولن تسعى أبدًا إلى صنع قنبلة نووية".
أبرزت الخطوة هشاشة النظام الدولي؛ إذ سارعت روسيا والصين إلى إدانتها وأعلنتا رفضهما الالتزام بالعقوبات الجديدة، ما أضعف فعاليتها العملية رغم ما تحمله من ضغط رمزي. هكذا تحوّل المشهد إلى مواجهة سياسية تتباين فيها الحسابات بين العواصم الكبرى وتزداد الانقسامات عمقًا.
يقرّ جميع الأطراف بأنّ الوقت يداهمهم. إذ يزيد العدّ التنازلي للعودة السريعة من حدة المخاطر إذا فشلت المساعي الدبلوماسية. وأعلنت طهران أنّها لن ترضخ للإنذارات، ولوّحت بتقليص تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا عادت العقوبات. وأصرّ مسؤولون إيرانيون على استمرار بيع النفط للصين ودول أخرى، ما يقلّل من تأثير الضغوط الأوروبية. وفي المقابل، دفعت موسكو وبكين نحو صيغ بديلة مثل التمديد أو التجميد لتأجيل إعادة العقوبات.
تدور المواجهة إذن حول أدوات النفوذ أكثر مما تدور حول الشرعية القانونية. فواشنطن تلوّح بالحرمان، وأوروبا تراهن على قوة القرارات الدولية، فيما يرفع خامنئي شعار "المقاومة". وكل طرف يستخدم لغة تصعّب الوصول إلى أرضية مشتركة.
يبقى المحك بعيدًا عن المنابر والخطابات. فالمعيار الحقيقي لنجاح الدبلوماسية يكمن في قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التحقق من المخزونات ومراقبة المنشآت وضمان الامتثال. وإذا عجزت أوروبا عن تحويل تحركها القانوني إلى خطة تحقق عملية، وأصرّت واشنطن على مطلب "الاستسلام"، وتمسكت طهران بحقها في السيادة، فإنّ آلية العودة السريعة ستقود إلى مزيد من التباعد بدلًا من التفاهم.
يختزل المشهد في خطين أحمرين: ترامب يصرّ على "لا سلاح نووي"، وخامنئي يصرخ "لا استسلام للتخصيب". وبينهما، يواصل العدّ التنازلي الأوروبي طرق عقارب الساعة، مهدّدًا إما بتحقيق انفراجة عبر التحقق الدولي أو بتعميق الانقسام العالمي. وهكذا تتجاوز المواجهة حدود الاتفاق النووي لتضع مستقبل الدبلوماسية الدولية برمّته على المحك.
https://www.middleeastmonitor.com/20250925-trump-rules-no-nuclear-weapons-khamenei-no-surrender-who-blinks-first/